I'robul Qur'an - karya Zakariya al-Anshari
مقدمة
إن الحمد لله، حل من رب وتعالى من إله هو سبحانه رب كل شيء ومليكه ومولاه، وهو العلي الأعلى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لــه عـــالم الــــر والنجوى، والمؤمل لكشف كل بلوى، ورفع كل لأوى سبحانه وبحمده ليس في الكون رب سواه فيدعى وليس في الوجود إله غيره فيرجى، وليس في الملأ حكم غيره فترفع إليه الشكوى، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، والحبيب المرتضى، بلغ رسالة ربه فما ضل وما غوى.
أما بعد:
للقرآن والإسلام أثر في اللغة العربية عظيم، بل هو أعظم مؤثر فيها، وإليه ترجع نشأة علوم اللغة العربية من نحو وصرف ولغة ومعجم، وبلاغة وأدب، وكان دافعا لأهـل الإسلام من عرب وغيرهم ليتباروا ويتسابقوا في تعلم العربية، وإجادتها، والتفاصح في استعمالها، والتسامي إلى لغة القرآن، ومحاكاة ،بيانه، بل إنه نقل العربية لتكون لغة عالمية حية لا تهم العربي وحده بل تهم كل مسلم أيا كان عرقه.
وتفرغ للعناية بها وخدمتها فئات من مختلف الأعراق، وقد شارك علماء العربية في علوم القرآن المختلفة، وكان بين علوم القرآن وعلوم العربية ارتباط قوي.
وصار في اعتقاد كل مسلم أن العربية - لأنها حملت كتاب الله - أفضل لغة، وهـي الأقدر على التعبير عن معاني القرآن في حين يجهد الزنادقة وأعداء الدين في صرفنا عن لغة القرآن، وكلماته دراسة واستعمالا؛ ليتحقق لهم إبعادنا عن القرآن نفسه تلاوة وعملا.
وقد صار إتقان العربية مدعاة لتفضيل القارئ، كما صارت الرغبة في فهم القرآن دافعا لحفظ لغة العرب وشعرها وأمثالها وكلامها، وسائر علومها.
والعربية حجة شرعية فيما يرجع فيه إلى اللغة، ولهذا صارت واجبا على كل متعلق من العلم بالقرآن بسبب؛ ولهذا لا نستغرب الصلة الوثيقة بين علوم القرآن وعلوم العربية وقد تجلت الصلة في تاريخ تلك العلوم، ونشأتها، ومن خلال تراجم أعلامها، ورسم القرآن، وألفاظه ومعانيه وتفسيره والاحتياج للقراءات، ووقوف القرآن، وإعرابه، وغيرها من علوم القرآن.