Download Tafsir Sufyan Ats-Tsauri PDF
Nama : Tafsir Sufyan Ats-Tsauri
Author :
Halaman : 482
Media : Google Drive
Muqoddimah
نحمده ، ونستعينه، ونصلي على رسوله الكريم ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين.
وبعد فإن أمر الوحي العزيز قد بدأ بنزول آيات تدل على ان العلم والكتابة من نعم الله جل وعز ذكره، لأن أول ما تلا النبي ، صلى الله عليه وسلم، من القرآن المقدس ، اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقـرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الانسان ما لم يعلم )) .
وقد سعى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مدى حياته الطيبة في الكشف عن هذا السر لتلاميذه السعداء . وأوضح لهم جلالة العلم ومزية الكتابة ـ فكان في أقل من قرن أن الأمة العربية التي كانت معظمها أمية حين بعث فيها الرسول ، قد تزينت بحلى العلم وتحلت بجواهر الحكمة ، ولم يتيسر لها هذا الا ببركة خدمتها الكتاب المقدس ، الذي قد تكفل للإنسان بالنجاة والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة . ومع هذا كان ذلك الكتاب موافقاً للسليقة الادبية التي قد حثت العرب على أن يلقبوا غيرهم بالعجم، فصرفوا وجوههم في حفظه وكتابته والتفكر في معانيه والعمل بأوامره والاجتناب عن نواهيه، وتركوا كل ما كان تفخر به العرب من القصائد والاشعار وردوها على الشياطين الذين كانوا يلقونها على قائليها من الجاهلية الأولى .
وكان ذلك الكتاب حاوياً لأسرار الصفات الإلهية الغامضة ، وجامعاً لقوانين الاخلاق العالية وضوابط السياسة والتمدن المحكمة ، ومنطوياً على قصص الأمم الماضية ، وهادياً الى الفكر الصحيح في المبدأ والمعاد . فكان لا بد من أن توجد فيه مواضع لم تكد تصل الى فهمها عقول تلك الأمة الجديدة النشأة . فهل اجترءوا رضي الله عنهم، على أن يقولوا فيها بآرائهم ؟ لا ، والله ! بل سألوا عنها رسولاً قد أمره الله أن لا تحرك به لسانك لتعجل به. إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه ، فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه) (۱) . فتارة فسر الله ما أشكل عليهم بالوحي كما في آية ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الاسود ) بلفظ ( من الفجر (۲) . وأخرى شرح النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إشكال الآية ، إما بآية اخرى نزلت من قبل كما فعل في ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) بآية ( إن الشرك لظلم عظيم) (٢) . أو بألفاظه الطاهرة التي نحن نعتقد أنها تقوم مقام الوحي الخفي اذا صحت نسبتها اليه . فحفظت الصحابة ، رضي الله عنهم ، كل ما قال الله ورسوله في تفسير القرآن العزيز ورووه لتابعيهم بالاحسان) .
لكنهم لم يدونوا تلك الروايات في الكتب والصحائف ، أولاً لأن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، قد قال : « لا تكتبوا عني . ومن كتب عني غير القرآن فليمحه (ه) ، وثانياً لأن الصحابة الخلوص عقيدتهم ببركة صحبة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقرب العهد إليه ، ولقلة الاختلاف والواقعات وتمكنهم من المراجعة الى الثقات ، كانوا مستغنين عن تدوين علم الشرائع ، والأحكام ، حتى أن بعضهم كره كتابة العلم (٦) .
عهد التابعين
فلما انقضى عصر الصحابة أو كاد ، وصار الأمر الى تابعيهم ، و انتشر الاسلام ، واتسعت الامصار ، وتفرقت الصحابة في الأقطار ، وحدثت الفتن ، واختلاف الآراء . وكثرت الفتاوى ، والرجوع الى الكبراء . فأخذوا في تدوين الحديث والفقه وعلوم القرآن )
فأول ما دونوه من العلوم التفسير. ومن أقدم التفاسير تفسير أبي العالية رفيع ابن مهران الرياحي ( م ۹۰ هـ ) الذي رواه الربيع بن أنس عنه ، ثم تفسير مجاهد ابن جبر ( م ١٠١ هـ ) ، ثم تفسير عطاء بن أبي رياح ( م ١١٤ هـ ) ثم تفسير محمد ابن كعب القرظي ( م ۱۱۷ هـ ) .
وانقسمت جماعة المفسرين الى ثلاث مدارس: أولها مفسر و مكة المكرمة . وهم تلاميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، حبر هذه الأمة ، الذي دعا له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بقوله : ( اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن (٢) .
وثانيتها مفسر و الكوفة . وهم تلاميذ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، الذي قال ، صلى الله عليه وسلم ، في حقه : ( من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبده .
وثالثتها مفسر و المدينة المنورة . وهم أصحاب زيد بن أسلم العدوي .
وهذه الطائفة قد لقبت بقدماء المفسرين .